أهمية
دراسة العقيدة
الحمد لله وحده، والصلاة
والسلام على مَن لا نبيَّ بعده، وعلى آله وصحبه.
أما بعدُ:فللعقيدة أهمية كبيرة في
الدين الإسلامي، فالإسلام عقيدة وعملٌ، ولا يَصِح عملٌ بلا اعتقادٍ، ولا ينفع عمل
بلا عقيدة صحيحة؛ ولذلك أحببتُ كتابة هذه الكلمة في بيان أهمية العقيدة وأهمية
تعلُّم العقيدة، والفائدة من تعلُّم العقيدة، فاللهمَّ ارزقني التوفيق والسَّداد.
مقدمة:
ما أهمية تعلُّم العقيدة؟
ولِمَ الحديث عن العقيدة؟ أو بمعنى آخر: لماذا نَدرُس العقيدة؟ وما الأسباب الداعية إلى
دراسة العقيدة؟ وما فوائد دراسة العقيدة؟
وعند الإجابة عن هذا
السؤال نُدرك الإجابة عن السؤال التالي:
هل الحاجة إلى العقيدة
الصحيحة حاجةٌ مُلِحة؟ وهل تعلُّم العقيدة ضروري؟
ثم نختم هذه الكلمة
بالكلام عن حُكم تعلُّم العقيدة.
والهدف من الإجابة عن هذه
الأسئلة أن نَعلم أهميَّة العقيدة عن طريق السؤال والجواب، فتَثبُت في الذهن.
وبمعرفة أهمية العقيدة
يَزداد طالب العلم حرصًا على تعلُّم العقيدة، ويَنشَط لدراستها؛ لأن معرفة الهدف
والغاية وأهمية الشيء، يعطي الشيء أهميَّة كبيرة لدى الإنسان، ويَجعله يحرِص عليه،
وإذا أردتَ العلم، فاعرِف الأهم؛ إذ البَدء بمعرفته يَختصر لك الطريق.
العقيدة هي أهم علوم
الدين:
نحن نَدرس العقيدة؛ لأن العقيدة هي أهم علوم
الدين على الإطلاق، فالعقيدة أهمُّ من الأخلاق، والعقيدة أهم من الآداب، والعقيدة
أهم من العبادات، والعقيدة أهم من المعاملات؛ إذ هي أوَّل واجبٍ على المكلف، فعند
دخول الشخص الإسلامَ يجب عليه معرفة التوحيد قبل تعلُّم العبادات.
مفهوم العقيدة:
أ) مفهوم العقيدة
لغة:
كلمة "عقيدة" مأخوذة من العقد
والربط والشّدِّ بقوة، ومنه الإحكام والإبرامُ، والتماسك والمراصة، يقال: عقد
الحبل يعقده: شدّه، ويقال: عقد العهدَ والبيعَ: شدّه، وعقد الإزارَ: شده بإحكام،
والعقدُ: أهلِ ضد الحل(أخلاق أهل السنة والجماعة).
ب )مفهوم العقيدة
اصطلاحًا:
العقيدة
تطلق على الإيمان الجازم والحكم القاطع الذي لا يتطرق إليه شكٌّ، وهي ما يؤمن به
الإنسانُ ويعقد عليه قلبَه وضميرَه، ويتخذه مذهبًا ودينًا يدين به؛ فإذا كان هذا
الإيمان الجازم والحكم القاطع صحيحًا كانت العقيدة صحيحة، كاعتقاد أهل السنة
والجماعة، وإن كان باطلاً كانت العقيدةُ باطلة كاعتقاد فرق الضلال(انظر: مباحث في
عقيدة أهل السنة والجماعة، للشيخ الدكتور ناصر العقل، ص9-10.)
مفهوم العقيدة الإسلامية
هي مجموعة من الأسس والمبادئ المتعلقة
بالخالق عز وجل والنبوات وما أخبر به الأنبياء من الأمور الغيبية مثل الملائكة
والبعث واليوم الآخر وغيرها من الأمور التي أخبر بها الرسل بناءاً على ما أوحى
الله عز وجل إليهم ومن ثم دعوا الناس إلى الإيمان الجازم بها مع اعتقاد بطلان كل
ما يخالفها .
ما يدخل في مفهوم
العقيدة الإسلامية
1-ما يتعلق بالله تعالى وكل ما أخبر به
عن نفسه تعالى : ذاتا ،وصفات، وأفعالا.
2- الرسل الكرام الذين بعثهم الله تعالى
برسالاته إلى البشر وما يتعلق بأولئك الرسل عليهم السلام من صفات وما يجب في حقهم
وما يستحيل عليهم وما هو جائز منهم.
3- الأمور الغيبية : وهي التي لايمكن
الوصول إلى معرفتها إلا بوحي من الله تعالى بواسطة رسول من رسله- عليهم السلام- أو
كتاب من كتبه .
ويدخل في هذه الأمور
:
1- الملائكة : فيجب الإيمان بهم جملة
وبمن علمنا اسمه ومن علمنا عمله. تفصيلاً.
2- الكتب : فيجب الإيمان بأن لله كتبا
أنزلها على رسله عليهم السلام فنؤمن بما نص عليه تفصيلا كما قال الله تعالى ((
وآتينا داود زبورا )) و قوله ((إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور) )وقوله تعالى((
وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه)) كما نؤمن بما لم يسم منها إجمالا.
3- اليوم الآخر : وما يتعلق بوقته وكل
ما أخبرنا به مما يقع فبه من البعث والنشور والحساب والجنة والنار وغير ذلك.
4- أخبار بدء الخليقة وما يتعلق بذلك .
أهمية العقيدة في حياة الإنسان
1-لابد لكل بناءٍ ماديا كان أو معنويا
من أساس يقوم عليه. والدين الإسلامي بناء متكامل يشمل جميع حياة المسلم منذ ولادته
وحتى مماته ثم ما يصير إليه بعد موته وهذا البناء الضخم يقوم على أساس متين هو
العقيدة الإسلامية التي تتخذ من وحدانية الخالق منطلقا لها كما قال تعالى (( قل إن
صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول
المسلمين))فالإسلام يعنى بالعقيدة ويوليها أكبر عناية سواء من حيث ثبوتها بالنصوص
ووضوحها أو من حيث ترتيب آثارها في نفوس معتقديها. لذا نجد أن الرسول صلى الله
عليه وسلم مكث عشر سنين بمكة ينزل عليه القرآن وكان في غالبه ينصب على البناء
العقدي حتى إذا ما تمكنت العقيدة في نفوس أصحابه رضوان الله عليهم نزلت التشريعات
الأخرى بعد الهجرة إلى المدينة.
2- إن العقيدة أيا كانت هذه العقيدة تعد
ضرورة من ضروريات الإنسان التي لا غنى له عنها ذلك أن الإنسان بحسب فطرته، يميل
إلى اللجوء إلى قوة عليا يعتقد فيها القوة الخارقة والسيطرة الكاملة عليه وعلى
المخلوقات من حوله. وهذا الاعتقاد يحقق له الميل الفطري للتدين ويشبع نزعته تلك،
فإذا كان الأمر كذلك فإن أولى ما يحقق ذلك هو الاعتقاد الصحيح الذي يوافق تلك
الفطرة ويحترم عقل الإنسان ومكانته في الكون، وهذا ما جاءت به العقيدة الإسلامية.
قال الله تعالى ( الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون
))
3-لما كان الدين الإسلامي بناء متكاملاً
اعتقادا وعبادة وسلوكا، لزم أن يكون هذا البناء متناسقا ومنسجما، لذا نجد أن
العنصر الأساس فيه هو العقيدة الإسلامية التي يقوم عليها، وهي عقيدة التوحيد
الخالص لله تعالى، مما يكسبها مركزا مهما لفهم الدين الإسلامي فهما صحيحا.
فالعقائد الإسلامية والعبادات والمعاملات والسلوك كلها تتجه لوجهة واحدة هي إخلاص
الدين لله تعالى وهذا الاتجاه المتحد له أهمية قصوى في فهم الدين الإسلامي قال
تعالى (( ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن ))
4- إن إخلاص الدين لله تعالى لا يبلغ
كماله إلا بإخلاص المحبة لله المعبود ،والمحبة لا تكتمل إلا بتمام المعرفة.
والعقيدة الإسلامية تقدم للإنسان كل ما يجب عليه معرفته في حق الله تعالى وبذلك
يبلغ كمال المحبة، وبالتالي يسعى لكمال الإخلاص لله تعالى لأنه أتم معرفته به، كما
قال صلى الله عليه وسلم (إن أعلمكم بالله وأتقاكم له أنا ) وقوله (والله إني
لأعلمكم بالله عز وجل وأتقاكم له قلبا)
5- إن الإنسان هو خليفة الله تعالى في
الأرض، وقد وكّل إليه إعمارها ،كما أمر بعبادة الله تعالى والدعوة إلى دينه.
والمسلم في حياته كلها يستشعر أنه يؤدى رسالة الله تعالى بتحقيق شرعه في الأرض:
فعقيدته تدفعه إلى العمل الجاد المخلص لأنه يعلم أنه مأمور بذلك دينا وأنه مثاب
على كل ما يقوم به من عمل جل ذلك العمل أم صغر.
6- إن إفراد الله تعالى بالتوجه إليه في
جميع الأمور يحقق للإنسان الحرية الحقيقية التي يسعى إليها فلا يكون إلا عبدا لله
تعالى وحده لا شريك له فتصغر بذلك في عينه جميع المعبودات من دون الله، وتصغر
العبودية للمادة والانقياد للشهوات . فإن العقيدة ما إن تتمكن من قلب المسلم حتى
تطرد منه الخوف إلا من الله تعالى، والذل إلا لله. وهذا التحرر من العبودية لغير
الله تعالى هو الذي جعل جنديا من جنود الإسلام - وهو ربعي بن عامر رضي الله عنه –
عندما ذهب لملك الفرس حين سأله عن سبب مجيئهم أن يقول له ( لقد جئنا لنخرج الناس
من عبادة العباد إلى عبادة الله رب العالمين ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة )
خصائص العقيدة الإسلامية :
أولا : الوضوح :
فالعقيدة الإسلامية عقيدة واضحة لا غموض
فيها ولا تعقيد، فهي تتلخص في أن لهذه المخلوقات إلها واحدا مستحقا للعبادة هو
الله تعالى الذي خلق الكون البديع المنسق وقدر كل شيء فيه تقديرا، وأن هذا الإله
ليس له شريك ولا شبيه ولا صاحبة ولا ولد. فهذا الوضوح يناسب العقل السليم لأن
العقل دائما يطلب الترابط والوحدة عند التنوع والكثرة ،ويريد أن يرجع الأشياء
المختلفة إلى سبب واحد.
وكما أن العقيدة الإسلامية واضحة فهي
كذلك لا تدعو إلى الاتباع الأعمى بل على العكس فإنها تدعو إلى التبصر والتعقل قال
تعالى (( قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما
أنا من المشركين)) ولأن العقيدة مما تحار العقول المجردة فيها ولا تصل إلى إدراكها
إلا من طريق الشارع الحكيم، فقد رجع كثير من الفلاسفة وأهل الكلام من المسلمين. عن
مناهجهم العقلية المجردة إلى منهج الكتاب والسنة ومن هؤلاء الفخر الرازي- وهو من
كبار الفلاسفة المسلمين إذ يقول بعد عمر طويل في البحث العقلي:
نهـاية إقـدام العقـول عقــال وأكثر سعـي العاملـين ضـلال
وأرواحنا في وحشة من جسومنا
ثم قال (ولقد تأملت الطرق الكلامية
والمناهج الفلسفية فما رأيتها تشفى عليلا ولا تروى غليلا ورأيت أن أقرب الطرق
طريقة القرآن. أقرأ في الإثبات (( الرحمن على العرش استوى )) (( إليه يصعد الكلم
الطيب )) وأقرا في النفي(( ليس كمثله شيء))(( ولا يحيطون به علما)) ومن جرب مثل
تجربتي عرف مثل معرفتي.
ثانيا: فطرية العقيدة
الإسلامية :
إن العقيدة الإسلامية ليست غريبة عن
الفطرة السليمة ولا مناقضة لها، بل هي على وفاق تام وانسجام كامل معها.
وليس هذا بالأمر الغريب إذ إن خالق
الإنسان العليم بحاله هو الذي شرع له من الدين ما يناسب فطرته التي خلقه عليها،
كما قال تعالى ((فطرة الله التي فطر الناس عليه لا تبديل لخلق الله ذلك الدين
القيم )) وقوله (( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير )) والواقع شاهد على موافقة
الفطرة للعقيدة الإسلامية القائمة على الإخلاص لله وحده، فما أن يصاب الإنسان بضر
تعجز أمامه القوى المادية إلا ويلجأ إلى الله تعالى في تذلل وخضوع، ويستوي في ذلك
الكافر والمؤمن، بل حتى الطفل الصغير فإنه لو ترك على حاله دون أن يؤثر عليه
والداه أو البيئة من حوله لنشأ معتقدا بالله تعالى ربا وإلها لا يعبد سواه لذلك
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو
يمجسانه أو ينصرانه )
ثالثا: عقيدة توقيفية
مبرهنة :
تتميز العقيدة الإسلامية بأنها توقيفية
فلا تجاوز فيها للنصوص المثبتة لها كما إنها عقيدة مبرهنة تقوم على الحجة والدليل،
ولا تكتفي في تقرير قضاياها بالخبر المؤكد والإلزام الصارم، بل تحترم العقول
والمبادئ التي يقوم عليها الدين كله ذلك أنها لا تثبت في جميع جزئياتها وكلياتها
إلا بدليل من الكتاب أو السنة. بل إن أتباعها منهيون عن الخوض في مسائلها إلا عن
علم وبرهان قال تعالى (( ولا تقف ما ليس لك به علم إن
السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه
مسئولا)) وقال ((وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون ))
كما أن القرآن الكريم حين يدعو الناس
إلى الإيمان بمفردات العقيدة يقيم على ذلك الأدلة الواضحة من آيات الأنفس والآفاق،
فلا يدعوهم إلى التقليد الأعمى أو الإتباع على غير هدى، بل إنه يأمرهم أن يطلبوا
البرهان والدليل قال تعالى ((قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين )) ويترتب على
البرهنة والتوفيقية ما يلي :
1- تحديد مصادر العقيدة بالكتاب والسنة
.
2- الالتزام بألفاظ الكتاب والسنة
المعّبر بها عن الحقائق العقدية .
3- استعمال تلك الألفاظ فيما سيقت
لأجله.
4- عدم تحميل تلك الألفاظ ما لا تحتمل
من المعاني.
5- السكوت عن ما سكت عنه الكتاب والسنة
وذلك بتفويض علمه إلى الله تعالى.
6- أن نقدم دلالة الكتاب والسنة على ما
سواهما من عقل أو حس أو ذوق أو غير ذلك من وسائل المعرفة .
ومن أمثلة الدلائل التي ساقها الله عز
وجل في القرآن الكريم القائمة على البراهين ما يلي :
1- الدليل العقلي قال تعالى (( أم خلقوا
من غير شيء أم هم الخالقون))
2-الدليل من الأنفس قال تعالى (( وفي
أنفسكم أفلا تبصرون ))
3-الدليل من الآفاق قال تعالى (( مرج
البحر يـن يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان))
رابعا :عقيدة ثابتة
ودائمة :
لما كانت العقيدة الإسلامية تقوم على
الدليل والبرهان لزم أن تكون عقيدة ثابتة ودائمة قال الله تعالى ((لا تبديل لكلمات
الله )) وسبب هذا هو ثبوت مصادرها ودوامها لأن الله تعالى تكفل بحفظها ((إنا نحن
نزلنا الذكر وإنا له لحافظون )) فهي عقيدة ثابتة ومحدده لا تقبل الزيادة ولا
النقصان ،ولا التحريف ولا التبديل.
فليس لحاكم أو مجمع من المجامع العلمية
أو مؤتمر من المؤتمرات الدينية ليس لأولئك جميعا و لا لغيرهم أن يضيفوا إليها شيئا
أو يحذفوا منها شيئا وكل إضافة أو تحوير مردود على صاحبه بقول النبي صلى الله عليه
وسلم ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) أي مردود عليه وقد هدد القرآن
الكريم العلماء خاصة من أن تميل بهم الأهواء
والأطماع أو الإغراءات المادية فيزيدوا أو
ينقصوا شيئا من الدين قال الله تعالى (( فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم
يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم
مما يكسبون )) وعلى هذا فكل البدع والأساطير والخرافات التي دست في بعض كتب
المسلمين أو أ شيعت بين عامتهم باطلة مردودة لا يقرها القرآن ولا تؤخذ حجة عليه .وإنما
الحجة فيما ثبت من نصوصه فقط. كما قال الله تعالى (( رسلا مبشرين و منذرين لئلا
يكون للناس على الله حجة بعد الرسل ))
خامسا : إنها عقيدة
وسط لا إفراط فيها ولا تفريط :
إن العقيدة الإسلامية وسط بين الذين
ينكرون كل ما وراء الطبيعة مما لم تصل إليه حواسهم وبين الذين يثبتون للعالم أكثر
من إله والذين يحلون روح الإله في الملوك والحكام ،بل وفي بعض الحيوانات والنباتات
والجمادات؟ فقد رفضت العقيدة الإسلامية الإنكار الملحد كما رفضت التعدد الجاهل و
الإشراك الغافل وأثبتت للعالم إلها واحدًا لا شريك له.كما إنها
وسط في الصفات الواجبة لله تعالى فلم
تسلك سبيل الغلو في التجريد فتجعل صفات الإله صورا ذهنية مجردة عن معنى قائم بذات
لا توحي بخوف ولا رجاء ،كما فعلت الفلسفة اليونانية ،ولم تسلك كذلك سبيل التشبيه و
التمثيل والتجسيم كما فعلت بعض العقائد حيث جعلت الإله كأنه أحد المخلوقين يلحقه
ما يلحقهم من نقص وعيوب فالعقيدة الإسلامية تنزه الله تعالى إجمالا عن مشابهة
المخلوقين بقواعد مثل قوله تعالى(( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير )) وقوله ((
ولم يكن له كفوا أحد )) ((هل تعلم له سميا)) ومع هذا تصفه بصفات إيجابية فعاله
تبعث الخوف والرجاء في نفوس العباد كما في قوله تعالى (( الله لا اله إلا هو الحي
القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السماوات و ما في الأرض من ذا الذي يشفع
عنده إلا بإذنه يعلم ما بين أيدهم وما خلفهم ولا يحيطون بشي ء من علمه إلا بما شاء
وسع كرسيه السماوات والأرض ولا يؤده حفظهما وهو العلي العظيم ))
ثم إنها وسط بين التسليم الساذج
والتقليد الأعمى في العقائد وبين الغلو والتوغل بالعقل لإدراك كل شيء حتى الألوهية
فهي تنهى عن التقليد الأعمى ، حيث عاب الله على القائلين (( إنا وجدنا آباءنا على
أمة و إنا على آثارهم مقتدون )) وتنهى عن التوغل بالعقل لإدراك كيفية صفات الرب عز
وجل فقال تعالى (( ولا يحيطون به علما )) وقال: ((ولا تقف ما ليس لك به علم ))
وتدعوهم إلى التوسط والأخذ بالمدركات كوسائط قال تعالى (( وفي الأرض آيات للموقنين
وفي أنفسكم أفلا تبصرون))
الخاتمة
العقيدة لها أهمية كبرى في حياة الإنسان، ويكفي في بيان أهميتها أنه
لا نجاة للعبد يوم القيامة حين يقف الخلق جميعاً بين يدي الله سبحانه وتعالى إلا
لمن مات على عقيدة صحيحة قال تعالى: يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ *
إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ [الشعراء:88-89] والعقيدة ليست
تصديقاً قلبياً خاصاً داخل القلب لا يخرج عنه، بل العقيدة تشمل الحياة كلها،
الأسرة وغير الأسرة، تشمل الأسرة والمجتمع، وتشمل الدولة، وكل شأن من شئون الحياة؛
لأن أي شريعة ونظام في هذه الحياة لابد أن ينبثق من عقيدة.
مشكوووووووووووووووور على هذا العمل الطيب
ردحذفوجزالك الله خيراً
مدونة رائعة يا أخي عبد المجيد وبارك الله فيك
ردحذفصحيح العقيدة الإسلامية هي أساس كل شيء .... شكراً
ردحذفمشكوررر على هذا الجهد الرائع مدونة فوق رائعة
ردحذف